شاركوا بتكريم شربل بعيني/ طوني سمعان الشيخ

لقد دعتني رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج لحضور حفل تكريم الشاعر شربل بعيني في العاشر من شباط 2001، عند الساعة السابعة مساء. 
ولكي لا تفوتني الفرصة، وتؤخّرني تشعّبات الطرق من الوصول في الوقت المحدّد، ركبت سيّارتي وتوّجهت إلى منطقة "أرنكليف"، وأنا أراجع دليل الطرقات، إلى أن وصلت إلى "BARDEN St."، فوجدته يتفرّع من "FOREST Rd." التي توصلنا إلى مطار سدني، مباشرة بعد صالة عرض منتوجات "SHERIDAN" للأقمشة وأغطية الأسرّة والملاحف وما شابه. 
الطريق سهل للغاية.. فلا داعي، إذن، للضياع، الذي قد يؤخّر الإحتفال الشيّق المدروس، المحلّى بكوكتيل لذيذ في نهاية الأمسية. 
سمعت أحدهم يقول، وهو يقرأ نص الدعوة المنشور في جريدة البيرق الغرّاء: لقد انتظرناهم من الشمال فجاءونا من الجنوب. كون الشاعر شربل بعيني من شمال لبنان، ورابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج من جنوبه. وهذا ما يدلّ على بعد تفكير المسؤولين عن هذه الجمعيّات، وأن النجاح اللبناني هو نجاحهم، وأن حدود وطنهم الصغير لا تستوعب طموحَهم، فراحوا يتلاحمون في الإغتراب، ليكوّنوا الوطن اللبناني الأكبر، الذي لا تغيب عنه شمس الحريّة والإنسانية والحياة الأجمل. 
لقد دخلت ربطة الجمعيات اللبنانية في السانت جورج ـ أستراليا، مع المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ فرع أميركا الشماليّة، الذي يترأسه الأديب جوزيف حايك، في اتحاد لبناني مهجري راقٍ، غايته الأولى والأخيرة تكريم المبدعين من مغتربينا، أيّاً كانوا، ومن أيّ منطقة لبنانيّة جاءوا.. ليثبتوا للعالـم أن الوطن الذي أعطى جبران والصبّاح ودبغي، بإمكانه أن يعطي أكثر. وأن الحرب اللئيمة التي اجتاحته لـم تكن سوى زوبعة في فنجانه. فمحبّة واندفاع أبنائه من أجل الحق كفيلان بأن يبنيا وطناً أكثر اتحاداً، وأقوى ديموقراطيّة. 
عظمة شربل بعيني لـم تكن في أدبه، ولا في رسالته التربويّة، بل كانت في إنسانيته وتواضعه ومحبّته واندفاعه من أجل مساعدة أصدقائه. فلقد ربطتني به صداقة طويلة، لـم تتمكن السنون، ولا مزاجيّة الغربة، من التغلّب عليها. كانت صداقتنا واضحة لا دجل فيها. وشربل بعيني يكرّه الدجّالين والوصوليين، الذين لا هم عندهم، سوى استغلال صداقة الطيّبين من الناس، وتجييرها لمصالحهم. 
هو هكذا، طفولي المزاج، مرح إلى أبعد حدود المرح، يتكلّم بصوت عالٍ كأنه الرعد، فإمّا أن تحبه كما خلقه اللـه، وإمّا أن تبتعد عنه، لأنه لن يبدّل سلوكه إكراماً لك، أو لغيرك. وصدّقني أنك ستحبّه، وستفتخر بصداقته، كما أفتخر أنا وأكثر.. شرط أن تعمل بنصيحتي!!. 
العاشر من شهر شباط، هو يوم الجنوب، يوم الشمال، يوم لبنان الـ 10452 كلم2، يوم المجلس القاري، يوم شربل بعيني، ويومنا جميعاً.. لذلك أدعوكم للمشاركة بهذا الاحتفال التاريخي.. وأعدكم بأن كل ما سيحصل فيه سيكون رائعاً، إذ لا أحد مثل أبناء الجنوب اللبناني يعرف كيف يستقبل ضيوفه.. ولا أحد مثل أبناء الجالية في أستراليا يعرف كيف يكرّم مبدعيه. فتعالوا.. تعالوا.. ولسان حالكم يردد: المكان ضيّق ولكن القلوب واسعة. 
في العاشر من شباط ولد شربل بعيني، وفي العاشر من شباط يكرّم شربل بعيني.. فهل من ذكاء يضاهي ذكاء أهل الجنوب؟!.. لقد اصطادوا عصفورين بحجر واحد.. وقالوا لنا: نحن لا نحفظ أشعار شربل بعيني فحسب، بل نعرف تاريخ ميلاده أيضاً.. ونعرف كيف نقول شكراً، ومتى نقول شكراً، للمبدعين من أبنائنا، ولا فرق عندنا بين شمالي وجنوبي، بين ابن ساحل وابن جبل، بين مسيحي ومسلم، فكلنا أبناء اللـه، وكلنا أبناء لبنان.. وكلنا، وهذا هو الأهم، أبناء غربة قسريّة فرضت علينا، فحوّلناها جنّة بمحبتنا. 
يا رابطة الجمعيّات اللبنانية في السانت جورج.. شكراً. 
يا خطباء الاحتفال.. شكراً. 
ويا أيّها القادمون إلى "السانت جورج" لحضور الاحتفال ليلة السبت القادم.. شكراً وألف شكر. وإلى اللقاء في العاشر من شباط في منطقة "أرنكليف". 
**