كلمة الدكتور عصام حدّاد في حفل تكريم شربل بعيني

لا عَجَب أنْ يُكَرِّمَ الإغْتِرابُ اللبنانيُّ الشّاعرَ شربل بعيني، فالجامعةُ الثقافيّةُ في العالـمِ، بالمجلسِ القاريِّ، انتخبَ هذا اللبنانيَّ الكبيرَ في عالـمِ الإنتشارِ أميراً من أمراءِ الكلمةِ، حَمَلَ هَـمَّ الثَّقافَةِ وَهَـمَّ لُبْنانَ على مَنْكِبَيْهِ أكثرَ منْ رُبْعِ قَرْنٍ.
هذا الرَّجُلُ الْمَهْووسُ بوطنِهِ وبالفِكْرِ، لا يَرْتاحُ منذُ أَنْ هَجَرَ لُبْنانَ هِجْرَةً قَسْرِيَّةً، فَما كَلَّ وَما لانَ، لأنَّهُ طُبِعَ عَلَى التَّضْحِيَةِ والوطَنِيَّةِ والإسْتِشْهَادِ في سَبيلِ
القلـمِ، وفي سَبيلِ لُبْنان.
فَسُبْحَانَ اللّـهِ كيفَ يَبْعَثُ لِلأُمَـمِ، دَوْماً، رِجالاً يَمْشُونَ عَلَى الإبَرِ وَالِحرَابِ، وَلا يَهَابُونَ الْمَوْتَ، لأَنَّهُمْ رُسُلٌ يُؤاتِيهِمِ اللَّـهُ القُوّةَ لِيَتَحَمّلوا كُلَّ الصِّعَابِ.
شربل بعيني الشّاعرُ المربّي الوطني الإنساني، هُوَ مَجْمُوعَةُ رِجالٍ كَوَّنَتْ مِنْهُ، على حَدِّ بَراءَةِ الْجامِعَةِ الثَّقافِيَّةِ، قُدْموساً آخرَ حَمَلَ التُّراثَ الْحَضارِيَّ اللبنانِيَّ الإنسانيَّ إلى العالـمِ، يُعَلِّمُ وَيُثَقِّفُ، يَكْتُبُ وَيُحَاضِرُ، لَكَأَنَّهُ يَحْسَبُ الدُّنْيا كُلَّها عطاءً لأُمَّتِهِ. يَرَى الْكَوْنَ مِنْ خِلالِها، وَيَراها مِنْ خِلالِ روحِهِ وَقَلْبِهِ وَقَلَمِهِ، كُنُوزاً لا تَنْفُدُ وَفُولاذاً لا يَلِينُ.
إنَّ سِرَّ شَرْبل بعيني هُوَ بِهَذا الأُنْسِ الْكَامِنِ فيه، بِهَذِهِ الشَّفَافِيَّةِ الرَّائِعَةِ، بِهَذِهِ الصَّراحَةِ وَالْبَثِّ الْمُحَبَّبِ الَّذي أَلَّبَ الكثيرينَ إِلَيْهِ، وَأَلَّبَ الكثيرينَ.. عَلَيْهِ!!
عَرَفْتُ الْكَثيرينَ بَعْدَ سنين، نَسَوْا وَطنَهُم، حتَّى أَنَّهُم تَنَكَّرُوا للغَتِهِم، فَيَتَرَبَّى أولادُهُم عَلى التَّنَكُّرِ لِلُبنان. وَها هُوَ شربل بعيني في (هاريس بارك) يُعَلِّمُ أولادَ اللبنانيينَ لِكَيْ يَنْدَمِجوا بِوَطَنِهِم عَنْ طريقِ اللُّغَةِ. فَهَلْ مَنْ يَدُلُّني عَلى مِثْل هَذا الإستشهادِ الدَّائـمِ في سبيلِ لبنان؟!
وَبِالْمُناسبَةِ، أَقْتَرِحُ على الدَّوْلَةِ أنْ تَخْتَرِعَ وِسَاماً تُسَمِّيهِ (وِسَامَ الإِغْتِرابِ اللبناني)، عَلَّها تُشَجِّعُ هَذا وَذاك لِيَحْمِلوا في أجسامِهِم دَماً نَقِياً للبنان، ويكونَ شَرْبِل أَوَّلَ حاملي هَذا الوِسَام.
سَلامُ اللـهِ عَلَيْكَ يا أخي شربل. بُورِكَتْ لَكَ الجائزةُ وهذا التقديرُ، وَهَذَا التَّكْرِيمُ الآتي مِنَ الْجَنُوبِ الْبَطَل، مِن رَابِطَة الْجَمْعِيَّات اللُّبْنَانِيَّة فِي السّانْت جُورْجْ، فَأَنْتَ كُنْتَ وَتَظَلُّ رَسُولَ لبنان.
**